? تعتبر كل من جوجل، والآيبل، والفيسبوك والآمازون أضخم أربع شركات عملاقة في عصر الإنترنت، وهي منشآت غير عادية بحيث لم يشهد العالم سرعة نمو أوانتشار شركات مماثلة من قبل بمثل هذا النطاق واسع.
أصبحت شركة ”الآيبل” عملاقة للرأسمالية، وهي تمثل حوالي ٪1.1 من سوق الأسهم العالمية. الآن يستخدم حوالي425 مليون شخص متاجر”اي تيونز” (I-Tones) التابعة للـ”آيبل” على شبكة الإنترنت، والتي تحوي عددا كبيرا من الرفوف الافتراضية المعبأة عن آخرها من موسيقى ومحتويات رقمية أخرى.”جوجل” (Google)، وفي الوقت نفسه، هو الرّائد بلا منازع في البحوث والاعلانات العالمية على شبكة الانترنت، بفضل استحواذه على أغلب برامج الروبوت ”صافتوير” (Saftware) والتي تسيطر على ثلاثة أرباع الهواتف الذكية التي يتم تسويقها عالميا.
في الوقت نفسه يعتبر ”أمازون”(Amazon) هو المهيمن على أسواق التجزئة والكتب الإلكترونية على الأنترنت، والتي يتم تصفحها في العديد من البلدان؛ و يكمن تراجع شهرته وراء الكواليس إلى تعقيد دقّته الحوسبيّة .
أما بالنسبة لـ”فيسبوك”(Facebook)، فإن كانت هذه الشبكة الاجتماعية تضم مليار مستخدم، فإنها تمثل بذلك ثالث أكبر دولة في العالم كثافة للسكان.
لقد جلبت الثورة الرقمية هذه الشركات العملاقة، مما ساعد في جلب فوائد مهمة للمستهلكين والشركات على حد سواء، كما قامت هذه الثورة بتعزيز حرية التعبير ونشر الديمقراطية على المدى البعيد. ومع ذلك فإنها تبقى مثيرة للتخوف والتعجب معا، وذلك بسبب حجمها وسرعتها الهائلتين،فإن تركت لحالها و دون مراقبة، قد يسهل استخدامها لخنق المنافسة. وهذا هو السبب في أنها تحضى بالفحص الدقيق من قبل المراقبين.
تعتبر شركة ”جوجل” هي الأكثر عرضة للخطر. بحيث قامت كل من لجنة المفوضية الأوروبية، ولجنة التجارة الأميركية الفيدرالية، بالتحقيق في ادعاءات تلاعب ”غوغل” عام 2011 في نتائج بحثها الغير واضحة وذلك لصالح خدمات مصالحها.
كما انّ الشركة تقف أيضا وراء تجاوزات عديدة أخرى، بما فيها استخدام براءات الاختراع لإحباط المنافسة في سوق الهواتف الذكية. منظمو”غوغل”، والذين يشككون في صحة هذه الاتهامات، يريدون تغيير ممارسات الشركة. مما قد يقود الشركة إلى الغرق في المعارك القانونية و المكلفة من كل جهات العالم.
وهكذا يمكن أن تصبح أكبر معركة حاسمة في عالم مكافحة الاحتكار و التي سيشهدها عصر الإنترنت، تماما كما المعركة الملحمية لشركة مايكروسوفت قبل عقد من الزمن، والتي أتت على خلفية إحتكارها لمتصفحي الأنترنيت، باحتكارها على أنظمة التشغيل ”ويندوز” المعروفة في عصر الحواسيب الشخصية
.
لماذا هناك قلق من الحجم ؟
هنالك ثلاثة اتجاهات تروع عددا من المتخصصين الذين يعتقدون أن هذه الشركات العمالقة الرقمية الأربعة أصبحو أقوياء جدا، ويتوفرون على عدد مهم من المستهلكين .
الأول هو نهوض الفائز بالمنافسة الرقمية، والذي سيحصل على ما يقرب جل أسواق شبكة الانترنت
.
على الرغم من أن ”مايكروسوفت” قد صرفت الكثير من الأموال في محرك البحث المنافس الخاص بها، فـ”جوجل” لا تزال تمثل أكثر من ثلثي عمليات البحث الشاملة، والتي أجريت في أمريكا والتي تصل إلى 90٪ أو نحو ذلك في بعض الأسواق اللأوروبية .
الفيسبوك، أيضا، تتصف بشبه الإحتكار في ساحة الشبكات الاجتماعية. منافسو”الفيسبوك” يخشون من أن الشركات الأربعة العملاقة سوف تستغل وضعها المهيمن في أعمالهم الرئيسية للحصول على ميزة غير عادلة في مناطق أخرى، وهي تهمة قد تقع في قلب قضية الاحتكار ضد ” جوجل.
ثانيا،إن هذه الشركات العملاقة ترغب في الحصول على مستهلكين مدمنين على ”منابر” خاصة بها، وهي مجموعة من الخدمات عبر الإنترنت، وتطبيقات على الهواتف الذكية والتي تعمل على أجهزة الكمبيوتر اللوحي . والتي ستصمم لتكون جذابة جدا.فـ”الأيبل” تدر الكثير من الأموال عبر تسويق ”لاي فون”. في الواقع، أصبح أجهزة التحكم عن بعد ضرورية للحياة الرقمية للكثير من الناس . ولكن هناك مخاوف من أن ”أيبل” ونظيراتها تقوم بإنشاء أنظمة ”الحدائق المسورة” والتي ستجعل من الصعب على المستخدمين نقل المحتوى من منصة واحدة إلى أخرى.
أما الإتجاه الثالث فهوالعادة السيئة لهذه الشركات العملاقة، والتي تتمثل في إلتهامها للشركات الواعدة قبل أن تشكل تهديدا لها. هذا وقد نشرت الأمازون،الأمر الذي أثار ثلاث مليارات دولار إثر إصدار سندات جد نادرة، مأخوذة من شركات مثل ”زابوس”،وهي عبارة عن متاجر لبيع الأحذية بالتجزئة على الانترنت، والتي كانت هناك طموحات كبيرة للمنافسة للإستحواذ عليه. كما قام كل من شركتي ”فيسبوك” و”جوجل” بعمليات استحواذ كبيرة جدا، مثل ”إنستاغرام” و” آد ماب”، و التي عرضت لتدقيق شديد من طرف المراقبين.
حتى الآن ركز الرقابيون على اعتماد الضربات الحادة، في مجالات مثل البحث على الإنترنت وسوق الكتاب الإلكتروني (حيث أن ”أيبل” قيد التحقيق في سلوك المنظمة المزعوم مع عدة ناشرين ). والتي كان هدفها الحصول على حلول سريعة للتفاوض حول الإمكانيات التي من شأنها أن تحد من السلوك السيئ لهذه الشركات.
في حين يعتقد بعض النقاد أنه لمن الضعيف جدا أن توجه دعوات لـ”جوجل” المفروم إلى
قسمين كشركتين مستقلتين، مقطعيا بذلك أعمال بحث أنشطته الأخرى.هذا وقد ناقش ”تيم وو”، وهو أستاذ في كلية الحقوق في جامعة كولومبيا
واستشاري، في قضية مصلحة تعزيز المنافسة،أنه يجب أن تجبر كبريات شركات “الاحتكارات المعلوماتية” مثل ”أيبل” و”جوجل” على الاختيار بين تقديم المحتوى الرقمي أوإنتاج الأجهزة المعلوماتية أو توزيعها
.
إن ّالخطر هو أن هذه الشركات هي مثل المجازر، وتضر أكثر مما تنفع. فحقيقة كون الناس قد تدفقوا على منصات الشركات الكبرى على شبكة الإنترنت، تشير إلى أن المستهلكين مستعدون تماما للتجارة مع نوع من الانفتاح، لتوفير الراحة وسهولة الاستخدام. فإذا رغبت في تغيير الشركة المقدمة الخدمات، تتراجع تكلفة القيام بذلك. فالتحول إلى محرك بحث جديد أو خدمة الموسيقى يأخذ بضع ثوان. وهذه المرة، بدلا من كون أن هناك محتكر واحد مهيمن، (كما كانت ”مايكروسوفت”تقوم به لفترة من الوقت) الآن هناك حرب الجميع ضد الجميع.
قد تأتي الهواتف الذكية التي تعمل بنظام التشغيل ”أندرويد” من ”غوغل” من أي مكان للسيطرة على السوق، متفوقة على ”آيفون” للـ”آيبل”.
أما”أمازون كيند” اللوحي فيأتي موازاتا مع جهاز ”آي باد”. فيما يتعلق بالشبكات الاجتماعية”غوغل بلوس” تقاتل ”فيسبوك”. أما”فيسبوك” و”أيبل”، فهما مع شركة ”مايكروسوفت” جنبا إلى جنب ، والآن وعلى مستوى التصاميم الرقمية فـ”جوجل” مهيمنة في البحث الرقمي.
أما الشركات الصغيرة مثل ”تويتر” فهي حريصة أيضا للالتحاق بصفوف العمالقة، وقد تم رفض تقديم عروض لإدماجها ضمن الشركات الكبرى، مادام”فـيسبوك” بحد ذاته بدء فقط قبل ثماني سنوات.
والواقع أن عالم التكنولوجيا يتغير بسرعة بحيث يعيد إلى الأذهان تعليق ”جوزيف شومبيتر” عن “عاصفة مستمرة من التدمير الخلاق”، والتي تجتاح الاقتصاديات من خلال إبتكارات المتمردين. فمشاكل ”مايكروسوفت” في مكافحة الاحتكار قد تبدو الآن أقل أهمية . لقد فشل الحبّار العملاق بالتنبأ بأن التيارات التجارية قد تتحولت ضده. الحيتان الأربعة الكبرى في الوقت الحاضر أيضا معرضة للغطرسة وللكثير من الأعداء. فإذا أرادت الهيئات الحفاظ حقاّ على مكافحة الاحتكار في المحيط الواسع، ينبغي لها ألا تدع أحجام هذه العمالقة تغطي على رؤوسها