قامت كلّ وكالة الـ”ناسا”(NASA) و ”غوغل”(Google) و14 مجموعة هندسية أخرى، في وقت سابق، بوضع رجال آليين متطوّرين تحت اختبار للحركات الصعبة في حلبة السباق ”ناسكار”(NASCAR) بميامي. كان الهدف منها رؤية كيف تتم معالجة الروبوتات لتلك المهام التي قد تبدو بسيطة ولكّنها في الواقع جدّ صعبة بالنسبة للآلة، كتسلّق السلّم مثلا أو فكّ الخرطوم عن صنبور ماء أوالتنقّل فوق الأنقاض أو قيادة السيارة.
تمّ تتبّع الإختبار من طرف فرع الإختبارات المستقبلية لوزارة الدفاع الأمريكي البينتغون و وكالة أبحاث مشاريع وزارة الدفاع المتقدّمة ( Defense Advanced Research Projects Agency) وكذا كبار مسؤولي وزارة الدفاع الدين تتبّعوا الحدث بعناية، علما أنّ البنتاغون بدء في الإعتماد على الروبوتات بشكل متزايد مؤخّرا.
مستقبل الطائرات بدون طياّر في مستقبل الجيوش.
تطمح وزارة الدفاع إلى الإعتماد على مثل هذه الأجهزة خلال العقود القادمة. وهي خلاصة المخطّط التي تمّ إصداره بهدوء من قبل وزارة الدفاع الأمريكية العام الماضي، و الذي يقدّم أفكارا حول مستقبل الآليات والأنظمة الغير مأهولة، أي الروبوتات و الطائرات بدون طيّار.
من المفترض أن توفّر دراسة ” دمج الآليات الغير مأهولة ضمن خارطة طريق” رؤية تكنولوجية للبنتاغون على مدى السنوات الـ25 المقبلة، و هي الرؤية التي ستكون ”حاسمة لتحقيق النجاح في المستقبل” لصالح الجيش الأمريكي وفقا للمسؤولين. فقد أشارت الدراسة إلى أنّ مميزات و أنواع الآليات الغير مأهولة التي توصّلت إليها الهيئات العسكرية أصبحت اليوم جزء لا يتجزّأ من عملّياتها الحربية، وأنّ حجم تطوّرها نما لينافس الأنظمة الحربية التقليدية.
الأسواق الناشئة لمسقبل الآليات الغير مأهولة.
سيكون في مقدور الروبوتات المثالية مستقبلا أنّ تتخذ ثلاث أبعاد، أي القيام بالمهمّات الخطيرة و القذرة و المضجرة و الصعبة لصالح الجيش، هذا وقد صرّح ”مايكل توسكانو” رئيس و مدير الجمعية العالمية للأنظمة المركباتية الغيرمؤهولة بفرجينا، أنه تمّ استوحاء الإختبار من الإنهيار الذي ألمّ بمحطّة فوكوشيما باليابان، حيث واجه عمّال خطر التسمّم الإشعاعي وهم يحاولون إغلاق الصمّامات الرئيسية.
استخدم الجيش الأمريكيّ ومشاة البحرية الرجال الآليين لتفكيك العبوات الناسفة منذ سنوات ، كما أنّ وزارة الدفاع قامت بتطوير بعض الروبوتات مثل ” الكلب الكبير” (BigDog) التي صمّمتها ”بوسطن ديناميكس” (Boston Dynamics) وهي شركة تمّ شراؤها مؤخّرا من طرف ”غوغل” (Google).
تشير خارطة طريق النظم الغير مأهولة للبنتاغون أن وزارة الدفاع ستستمر في تعميق التوغّل في تطوير الروبوتات و الذكاء الإصطناعي إلى أن تمكّنها من العمل على الأرض و البحر وفي الجو.
تسعى البحرية الأمريكية للحصول على مزيد من العوّامات الغير مأهولة، لاستغلالها كغوّاصات استطلاعية صغيرة، وكذا مسح الأعماق التي لايمكّن البشر من أن يصل إليها.
كما أن هناك تحديّات هندسية كبيرة تواجه هذه الشركات المصممة للأنظمة الغير مأهولة في جانبها المتعلّق بشبكة الأنترنت ليبقى التشفير هو أنسب الحلول لحماية البيانات التي تبدو حاسمة بالنسبة لمهام الروبوتات و الطائرات بدون طياّر.
ليبقى الهدف النهائي للجيش الأمريكي هو الزيادة في ” الإستمرارية و الحماية و القدرة على التحمّل” لهذه الروبوتات العسكرية، ممّا سيؤدّي إلى تقليل عبء العمل الجسدي و المعرفي على رجال القوّات المقاتلة، وكذا الزيادة في القدرات القتالية في الوقت عينه، قصد إحداث فريق عسكريّ شبه آلي وقوي من شأنه أن يوفّر الأمان و الإكتفاء و الإستخبار.
ورجوعا إلى حلبة سباق ”ناسكار” بميامي، فقد أكملت فرق الروبوتات الـ16 مهامها بدرجات نجاح متفاوتة.
هناك احتمالات من أن يشوب الجيش الأمريكيّ لهذه السنة وما بعدها، إئتلافا بين الإنسان و الروبوتات و آليات الذكاء الإصطناعي على نطاق واسع، فقد قال تسكانو” هناك احتمال كبير أن تنشأ هناك علاقة بين الإنسان و الآلة، يعيشون من خلالها على اساس العمل و التعاون المتبادل”.
كما أنه يتوقع أن يتم إرسال هذه الآلات إلى حرائق الغابات بدل تعريض حياة رجال الإطفاء للخطر ، كما أنّه يمكن استغلال الروبوتات الحيوانية مثل ”موس” (moose) لتعقّب أنماط الهجرة عبر التسلّل ضمن القطعان.
إن شراء ”غوغل” لشركة ”بوسطن دينامكس” هو برهان على مدى ايمان كبريات الشركات التجارية بقوّة صناعة الروبوتات ودورها في تقدّم الإبتكارات، فقد قال تسكانو ”إن الشركات التي بمثل حجم ”غوغل” دائما ما تذهب إلى قشدة المحصول، فهم دائموا التفكير في البحث عن الأماكن التي تنبع منها الإختراعات العظيمة”.